Nice
الفصل الأول: عيون زرقاء وشعر أشقر
كان الجو في تلك الليلة بارداً بشكل غير عادي، حيث هبت رياح شديدة من جهة البحيرة، تحمل معها نسمات معدنية وكأنها تعكس لهيب الذكريات. كنت أستند إلى سور خشبي قديم، أراقب سطح الماء المظلم الذي كان يلتقط ضوء القمر الباهت.
في تلك اللحظة، تذكرت "ليلى"، الفتاة التي كانت تأسرني بعيونها الزرقاء وشعرها الأشقر الذي يتراقص مع الريح. كانت دائماً تدور حولي كأجمل حلم، لكنها كانت أيضاً تجلب معها برودة عاطفية. لم يكن الأمر مجرد مظهرها الخارجي، بل كانت كلماته وأفكارها تترك في قلبي أثراً عميقاً، كأنما تعبر عن أعماق النفس البشرية.
"لماذا تفضلين البقاء في الظلام، ليلى؟" سألتها ذات مرة، بينما كنا نجلس على ضفاف البحيرة، ونستمع إلى هدير الأمواج.
أجابتني بعمق لم أتوقعه: "لأن في الظلام، يمكنني رؤية النجوم بشكل أوضح. في النور، يختبئ كل شيء تحت سطح الأشياء."
صمت momentarily، وكأن كلماتها قد زرعت فيني تساؤلات لم أكن أدركها من قبل. كيف يمكن لمرأة جميلة جداً أن تحمل مثل هذه الأفكار العميقة؟ كان كل شيء فيها يجذبني، من ابتسامتها الخجولة إلى طريقة حديثها التي تعكس عمق تفكيرها.
لكن كما كانت ليلى تؤثّر فيّ، كانت أيضاً تخفي جزءاً من روحها. كلما اقتربت منها، شعرت بأنني أستكشف شيئاً يظل بعيداً، كأنها تحمل سراً يتجاوز كل العبارات. ومع برودة الليل، كنت أشعر بأنني أتعقبها في عتمة، وكأنني أسعى للوصول إلى جوهرها.
"هل تؤمنين بمفهوم الجمال الحقيقي، ليلى؟" سألتها في وقت لاحق، وكأنني أبحث عن إجابة قد تغير كل شيء.
"الجمال هو أكثر من مجرد مظهر،" أجابت. "إنه شعور. إنه كيف نرى العالم من حولنا وكيف نتواصل مع الآخرين. حتى لو كان لديك شعر أشقر وعيون زرقاء، فإن الجمال الحقيقي يأتي من القلب."
كان حديثها يلامس أعماق روحي. شعرت وكأنني ألتقط اللحظات الباردة من حياتي، وأعيد صياغتها بلون جديد. في تلك الليلة، بينما كنا نحاول فهم العالم من حولنا، أصبح الجو أكثر برودة، لكن قلبي كان يشعر بحرارة جديدة.
مع انقضاء تلك اللحظة، أدركت أن ليلى كانت أكثر من مجرد صورة جميلة—كانت جسداً ونفساً، تمثل رحلة بحث مستمرة عن الجمال والمعنى في عالم مظلم.